Page 51 - Nazaha-2020-V1
P. 51

‫مجلة نزاهة ‪ -‬العدد الأول‬

‫المسـؤول المبـاشر بهـا وذلـك في الأحـوال التـي‬                            ‫ثانيـاً‪ :‬انسـجام النظـام مـع التشريعـات السـارية‬
‫يتعـذر فيهـا رفـض الهديـة في حـال كان رفضهـا‬                                                         ‫في فلسـطين‬
‫يُســبب إحراجــا أو إهانــة لمُرســلها‪ ،‬وفي حــال‬
‫كانـت لا تتجـاوز الممارسـات الاجتماعيـة المعتـادة‬                         ‫يــأتي إصــدار نظــام الهدايــا كأحــد الآليــات‬
‫والمجاملــة‪ ،‬وفي حــال قدمــت الهدايــا الرمزيــة‬                         ‫التنفيذيـة لتنفيـذ العديـد مـن النصـوص القانونية‬
‫التــي تمثــل شــعارات الــدول أو المنظــات‬                               ‫الـواردة في التشريعـات الفلسـطينية‪ ،‬ومـن أمثلـة‬
                                                                          ‫تلــك النصــوص‪ ،‬مــا ورد في المــادة (‪ )3/67‬مــن‬
       ‫ورموزهــا خــال الزيــارات الرســمية‪.‬‬                              ‫قانــون الخدمــة المدنيــة المعــدل رقــم (‪ )4‬لســنة‬
                                                                          ‫‪ 1998‬والتــي حظــرت عــى الموظــف العــام‬
   ‫ثالثاً‪ :‬واقع النظام في ميزان الفقه الإسلامي‬                            ‫اسـتغلال وظيفتـه وصلاحياتـه فيهـا لمنفعـة ذاتيـة‬
‫وفقــاً لمــا ورد في الفقــه الإســامي يُحــرم عــى‬                       ‫أو ربـح شـخصي أو القبـول مبـاشرة أو بالواسـطة‬
‫الــولاة والقضــاة والموظفــن العموميــن قبــول‬                           ‫لأيــة هديــة أو مكافــأة أو منحــة أو عمولــة‬
‫الهدايـا خصوصـاً ممـن كان لا يُهـدى إليـه قبـل‬                            ‫بمناســبة قيامــه بواجبــات وظيفتــه‪ .‬وكذلــك مــا‬
‫ذلـك‪ ،‬لأنهـا نـوع مـن الرشـوة والسـحت‪ ،‬فهـي‬                               ‫ورد النــص عليــه في المــادة (‪ )6/8‬مــن اللائحــة‬
‫في ظاهرهـا قـد تكـون هديـة‪ ،‬لكنهـا في باطنهـا‬                             ‫التنفيذيـة لقانـون السـلك الدبلومـاسي رقـم (‪)13‬‬
‫رشـوة البسـت ثـوب الهديـة‪ ،‬فيحـرم عـى المهـدي‬                             ‫لسـنة ‪ 2005‬والتـي حظـرت عـى موظـف السـلك‬
‫تقديمهـا‪ ،‬ويحـرم عـى الموظـف قبولهـا‪ ،‬ويشـتد‬                              ‫الدبلومـاسي قبـول هدايـا ثمينـة أو هبـات أو منح‬
                                                                          ‫مـن أي جهـة ذات علاقـة بعمـل الـوزارة ‪ .‬إضافـة‬
   ‫تحريمهـا إذا مـا تـم العلـم بقصـد المهـدي‪1.‬‬                            ‫إلى مـا ورد النـص عليـه في المـادة (‪ )2/28‬مـن‬
‫ومــن الأدلــة عــى تحريــم قبــول الهدايــا مــن‬                         ‫نظـام موظفـي الهيئـات المحليـة المعـدل رقـم (‪)1‬‬
                                                                          ‫لسـنة ‪ 2009‬والتـي حظـرت عـى موظـف الهيئـة‬
    ‫الــولاة والقضــاة والموظفــن العموميــن‪:‬‬                             ‫المحليـة أن يقبـل لنفسـه أو لغـره منحـة أو هديـة‬
‫مـا روي أن النبـي صـى اللـه عليه وسـلم اسـتعمل‬                            ‫أو امتيــازا بســبب أداءه لأعــال الوظيفــة أو أن‬
‫ابـن التلبيـة عـى الصدقـات‪ ،‬فجـاء بمـال فقـال‬
‫هــذا لكــم وهــذا مــا أهــدي إلي‪ ،‬فقــال عليــه‬                                     ‫يقبـل الوعـد بـيء مـن ذلـك»‪.‬‬
‫السـام «مـا بـال الرجـل نسـتعمله عـى العمـل‬
‫مـا ولانـا اللـه فيقـول هـذا لكـم وهـذا أهـدي‬                             ‫عــى صعيــد آخــر‪ ،‬يــأتي النظــام اســتكمالا لمــا‬
‫إلي‪ ،‬فهــا جلــس في بيــت أبيــه أو بيــت أمــه‬                           ‫ورد النـص عليـه في مدونـة السـلوك وأخلاقيـات‬
                                                                          ‫الوظيفــة العامــة لســنة ‪ ،2012‬حيــث حظــرت‬
              ‫فينظــر أيُهــدى إليــه أم لا»‪2.‬‬                            ‫المــادة (‪ )12‬مــن المدونــة عــى الموظــف قبــول‬
                                                                          ‫الهدايــا وكل مــا لــه قيمــة ماديــة مبــاشرة أو‬
‫‪ .1‬مليكـة هنـان‪ ،‬تلقـي الموظـف العـام الهدايـا بـن الإباحـة والتجريـم‪،‬‬    ‫بالواسـطة وتحـت أي مسـمى والتـي مـن شـأنها‬
‫دراســة مقارنــة بــن الفقــه الإســامي وقانــون مكافحــة الفســاد‬        ‫أن تضعـه موضـع الشـبهة‪ ،‬كـا أوجبـت المدونـة‬
‫الجزائـري‪ ،‬مجلـة القانـون‪ ،‬العـدد ‪ ،9‬معهـد العلـوم القانونيـة‪ ،‬الجزائـر‪،‬‬  ‫عــى الموظــف الإفصــاح عــن الهديــة وإبــاغ‬

                                             ‫‪ ،2017‬ص ‪6‬‬                                                                  ‫‪50‬‬

‫‪ .2‬صحيـح البخـاري‪ ،‬بـاب مـن لم يقبـل الهديـة لِ ِعلَـه‪ ،‬رقـم الحديـث‬
                              ‫‪ ،2457‬الجــزء الثــاني‪ ،‬ص ‪.917‬‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56